كتابات اخبار و مقابلات الكتب الافتتاحيات الصفحة الرئيسية
    English version  
       

للتواصل الافلام الصور السيرة رئيس تحرير مجلة البيئة والتنمية
امين عام المنتدى العربي للبيئة والتنمية
اخبار و مقابلات

البيئة العربية في 10 سنين
وضع البيئة في العالم العربي تراجع في جوانب كثيرة، لكنه أحرز تقدماً على بعض الجبهات. هذا هو الاستنتاج الرئيسي الذي توصل إليه التقرير الجديد للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) وعنوانه "البيئة العربية في عشر سنين". وهذا التقرير هو العاشر في السلسلة السنوية عن وضع البيئة العربية، التي أطلقها "أفد" عام 2008.
المفكرة البيئية
البيئة في وسائل الاعلام العربي
مقابلة مع نجيب صعب، صحيفة الوطن،قطر 22/5/2015
مقابلة مع نجيب صعب، أمين عام المنتدى العربي للبيئة والتنمية في صحيفة الوطن، قطر

مقابلة مع نجيب صعب، أمين عام المنتدى العربي للبيئة والتنمية

 

الوطن، قطر، 22/5/2015

1. ما أبرز تحديات البيئة في المنطقة، وما أثر الصراعات على البيئة من جهة وعلى الأمن الغذائي من جهة أخرى؟

جاءت الحروب والنزاعات، التي ضربت نصف البلدان العربية خلال السنوات الخمس الأخيرة، لتفاقم المشاكل البيئية التي تواجهها المنطقة، والتي كانت كبيرة أصلاً. ومعظم الدول التي لم تصب مباشرة بالأحداث تعاني من ضغط ملايين النازحين، كما حال السوريين في الأردن ولبنان والليبيين في تونس ومصر. النزاعات المسلحة ضربت إنتاج الغذاء بتحويلها مساحات شاسعة إلى أراض غير صالحة للزراعة، وقضت على توازن الموارد الطبيعية، وتسببت بتلوث حاد للمياه والهواء والتربة. أما أبرز التحديات البيئية التي تواجه المنطقة وستبقى معها بعض انفضاض الحروب والنزاعات، فهي ندرة المياه العذبة، والتمدد العمراني العشوائي، وتلوث الهواء الناجم أساساً عن حرق الوقود، وإدارة النفايات. وهناك أيضاً مشاكل التلوث في البحار والشواطئ وتغير المناخ والتصحر. قد لا تكون الأحوال الراهنة عاملاً مساعداً على الاهتمام بالبيئة، حيث يواجه الناس تحديات العيش والبقاء. لكن هذا لا يعفي الحكومات من إيلاء إدارة البيئة والموارد الاهتمام الكافي، لأنه بعد كل الحروب والنزاعات سيبقى على الناس أن يأكلوا ويشربوا ويتنفسوا.

 

2. نفهم من جوابك أن النازحين واللاجئين بسبب الحروب والنزاعات يشكلون ضغطاً خطيراً على الموارد الطبيعية.

يمكن النظر الى المشكلة من الجهة الأخرى أيضاً. فالجفاف والتقلبات المناخية الحادة أدت الى نزوح ملايين السكان من مناطق زراعية، حيث فقدوا مورد رزقهم، إلى المدن بحثاً عن سبل أخرى للحياة. وهذا ما حصل في سورية قبل اندلاع الأحداث، حيث أدى الجفاف في مناطق زراعية شاسعة إلى نزوح كثيف نحو المدن، بحثاً عن لقمة العيش. وقد انتشرت البطالة بين النازحين، مما ضاعف النقمة على الأوضاع وساهم في تأجيج الانتفاضات. وهنا أشير الى جانب ما ظل مهملاً، هو غياب خطط الطوارئ في بلداننا لمواجهة الكوارث الطبيعية. من جهة أخرى أدى تفاقم المواجهات وسياسة الأرض المحروقة التي اتبعها الأطراف المتنازعون إلى نزوح ملايين إضافية، إما داخل البلدان نفسها أو الى بلدان مجاورة. وأدى هذا الى ترك مناطق زراعية كاملة خالية من اليد العاملة ومقومات الإنتاج. أما البلدان التي تم النزوح اليها فشكل ملايين الوافدين ضغطاً غير مسبوق على مواردها الطبيعية وأوضاعها البيئية، خاصة في مجالات الصرف الصحي وتوافر المياه العذبة وتفشي الأمراض. لكن لا بد من الإشارة الى أن أوضاع اللاجئين اليوم، مهما كانت قاسية، أفضل منها في حالات مماثلة قبل خمسين سنة. فالمجتمع الدولي الآن أكثر استعداداً وتنظيماً لمساعدة النازحين على تأمين أبسط متطلبات العيش. لكن هذا يبقى موقتاً، ولا بد من حل جذري يعيد النازحين الى ديارهم ويساعد في إدخالهم كأعضاء فاعلين في شبكات الإنتاج، حتى لا يبقوا عالة على المجمتع.

 

3. نمط الاستهلاك العربي أين يقودنا؟

وجدت الدراسات، التي أعدها المنتدى العربي للبيئة والتنمية حول الأوضاع البيئية في البلدان العربية، أن أية تدابير لتحسين الإدارة البيئية ورعاية الموارد الطبيعية، لا بد أن تترافق مع تعديل في أنماط الاستهلاك. فالمجتمعات العربية عامة تمارس أنماط استهلاكية مفرطة في التبذير، خاصة في مجالات المياه والطاقة والغذاء. فالاستجابة للنقص في المياه العذبة المتوافرة كانت حتى الآن محصورة في البحث عن مصادر أخرى، خاصة تحلية مياه البحر. وقد تم إهمال الكفاءة وإدارة الطلب. فسكان بعض البلدان العربية يستهلكون في منازلهم كمية من المياه العذبة تفوق كل المعدلات العالمية. ولإعطاء مثل على هذا أشير إلى أن معدل الاستهلاك اليومي للفرد من المياه العذبة في بعض دول الخليج العربية يتجاوز 600 ليتر، بينما هو أقل من 200 ليتر في الدول الأوروبية الغنية بالمياه. وقد يكون السبب الأساسي الدعم المفرط لأسعار المياه، التي يحصل عليها الناس لقاء بدل شبه مجاني، ما لا يشجعهم على ترشيد الاستهلاك. أما الهدر الأكبر في المياه العذبة فيحصل في الزراعة، حيث أن كفاءة الري أقل من 50 في المئة، بينما يمكن رفعها إلى أكثر من 70 في المئة.

 

4. ماذا عن استهلاك الطاقة، من كهرباء ووقود؟

ليس وضع استهلاك الطاقة أفضل من المياه، حيث أن معدل الاستهلاك الفردي للكهرباء في بعض الدول العربية يفوق جميع المعدلات العالمية، وليس هناك من قيود فعلية على استهلاك محركات السيارات. وقد أصبحت طرقات الدول العربية معرضاً لسيارات ذات محركات كبيرة عطشى إلى الوقود الذي تشربه بشراهة، وتنفث انبعاثاتها الغازية السامة في الأجواء، ما جعل معظم المدن العربية من الأسوأ في العالم بتلوث الهواء. وأشير هنا إلى أن بعض الأجهزة المنزلية الكهربائية المسرفة في استهلاك الكهرباء ممنوعة في بلدان المنشأ، بينما يتم تصديرها الى مناطق تفتقر إلى القيود، وفي طليعتها البلدان العربي. وينطبق الشيء نفسه على السيارات، حيث لا قيود حقيقية على حجم المحركات أو الانبعاثات الغازية السامة، وبعض السيارات المباعة في البلدان العربية ممنوعة في بلدان المنشأ، لخطورة انبعاثاتها.

 

5. هل ينطبق هذا النموذج الاستهلاكي على الغذاء أيضاً؟

تستورد المنطقة العربية أكثر من نصف استهلاكها الغذائي، وتتميز أنماط الطعام في كثير من المناطق بالهدر، وهذا يمكن معاينته في محتويات النفايات المنزلية الصلبة، حيث تصل نسبة الفضلات العضوية الى 70 في المئة، ما يؤشر الى هدر كبير، خاصة في المدن. هناك حاجة ماسة الى تبديل العادات الاستهلاكية لتكون أكثر انسجاماً مع التوازن البيئي. وهذا يتطلب تشريعات وقوانين تشجّع أنماط الاستهلاك المستدام وتضع قيوداً وضرائب على التبذير، أكان في الطاقة أوالمياه أو الغذاء. ولا بد من الإشارة الى أن على العرب يكونوا مستعدين لتبديل بعض عاداتهم الغذائية، مثل التحول من اللحوم الحمراء الى السمك والدجاج، وزيادة تناول الخضر والفواكه. وجدير بالذكر أن العالم العربي يستورد ثلث حاجته من اللحوم الحمراء، بينما يستطيع أن يكون مكتفياً ذاتياً في السمك والدجاج. إنتاج اللحوم الحمراء يشكل ضغطاً كبيراً على البيئة، خاصة المياه العذبة، بعكس السمك والدجاج. والجيد في الأمر أن ما هو أفضل للبيئة هو أيضاً أفضل للصحة. وينطبق هذا على الخضار والفواكه، التي يلامس إنتاجها في العالم العربي حدود الاكتفاء الذاتي. ونحن هنا نتحدث عن منطقة عربية اقتصادية واحدة، إذ إن التعاون الإقليمي ضرورة محتومة لأي تخطيط جدي. هذه الأمور وغيرها ستكون من محاور التقرير الجديد الذي يصدره المنتدى العربي للبيئة والتنمية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2015 حول الاستهلاك المستدام في البلدان العربية. ويرافق التقرير استطلاع للرأي العام العربي حول الأنماط الاستهلاكية واستعداد الناس للتحول الى أساليب حياة أكثر استدامة.

 

6. الاقتصاد الاخضر في الوطن العربي، أين وصلنا وكيف ممكن أن نتقدم؟

واجه مفهوم الاقتصاد الأخضر تحفظات في بداية انطلاقه، إذ اعتبره البعض غطاء لفرض التزامات على البلدان النامية. لكن الأمر أصبح أكثر قبولاً، إذ تم الاتفاق على أن الاقتصاد الأخضر يمثل ببساطة الإجراءات التنفيذية لتحقيق التنمية المستدامة. وقد بدأت بلدان عربية تعتمد استراتيجيات وطنية للاقتصاد الأخضر، وتستتبعها ببرامج عملية، كما حصل في الإمارات والأردن ومصر. الاقتصاد الأخضر يقوم على الاستثمار المتوازن لموارد الطبيعة بما يرفع الإنتاج ولا يرهق الرأسمال الطبيعي. وقد يكون الأهم أن الاقتصاد الأخضر يخلق فرصاً وظيفية حقيقية تخفف من مستويات البطالة المتزايدة على نحو خطير، ذلك أنه يعتمد على الإنتاج وليس على المراهنات في الأسواق العقارية والمالية. والاقتصاد الأخضر يستقطب استثمارات في كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة وكفاءة الري والمياه ووسائل النقل، من بين أمور أخرى، وجميعها تخلق فرص عمل.

 

7. تقرير "أفد" حول الأمن الغذائي عرض لبعض الأرقام المهمة. وكيف تقرأون خلاصات هذا التقرير؟

وجد تقرير "أفد" حول الأمن الغذائي أن العرب يستوردون نصف ما يأكلون، وفي الوقت ذاته يستغلون ضعفي الموارد المحلية التي يمكن لأنظمتهم الطبيعية تجديدها وإعادة إنتاجها. لكن التقرير توصل إلى أن مواجهة هذا التحدي في متناول اليد، عن طريق تحسين كفاءة الري، وهي اليوم نصف المستوى العالمي، ورفع إنتاجية الأراضي، وهي في معظم البلدان العربية لا تتجاوز 40 في المئة من المعدلات العالمية. ويجب أن يرافق هذا تعاون إقليمي حقيقي، إذ لا تستطيع البلدان العربية تحقيق أمنها الغذائي بمعزل عن التعاون مع جيرانها.

 

8. ماذا عن حلول الطاقة، ومنها اتجاه بعض الدول العربية للنووي؟

امتلاك التكنولوجيا النووية ليس فكرة سيئة، إذ لها استخدامات علمية وطبية وزراعية لا تنحصر في إنتاج الطاقة. عدا أنه لم نسمع بحادث نووي كبير في مفاعل مخصص للأبحاث العلمية، بما فيها الطب والزراعة. الحوادث النووية الكارثية تحصل في مفاعلات كبيرة مخصصة لإنتاج الطاقة. لذا يتطلب الأمر عناية بالغة ودراسة جميع البدائل المتاحة. أولاً يستطيع العرب توفير ما بين 30 و50 في المئة من الطاقة المستخدمة حالياً عن طريق تدابير الكفاءة. كما أن تكنولوجيا الطاقة المتجددة، وخاصة الشمسية، أصبحت الآن متوافرة بأسعار منافسة. والدليل أنه خلال سنتين ستبدأ شركة "أكواباور" إنتاج 200 ميغاواط من الكهرباء بلاقطات شمسية في دبي، باستثمار خاص كلياً وبلا دعم حكومي. وستبيع الكيلوواط/ساعة الى حكومة دبي بأقل من 6 سنتات، ومع هذا ستربح. هذا السعر هو الأقل عالمياً للكهرباء الشمسية، وهو يقل عن نصف كلفة إنتاج الكهرباء في معظم الدول العربية، ما يثبت أن الطاقة المتجددة أصبحت أمراً واقعاً في مزيج الطاقة. المطلوب اعتمادها على نطاق واسع بلا خوف من منافستها للنفط والغاز. فالعالم العربي يمتلك هذه الثروات جميعاً، وعليه استغلالها على النحو الأفضل.

 

 

 

 

عودة
افلام الصور اخبار و مقابلات